في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل وتختمر جراثيم التلاشي والفناء فــإذا
كلن العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى ،وإذا كانت دنيانا هذه غراسا لحيــاة
أكبر تعقبها فإن الفارغين أحرى الناس أن يحشروا لا حصاد لهم إلا البوار والخسـران .
أجل … فكم من سليم الجسم ممدود الوقت يضطرب في هذه الحياة يحــدوه
ولا عمل يشغله ولا رسالة يخلص لها ويصرف عمره لإنجاحــها .أو لهذا خلـــق
الإنسان ؟ إن الإنسان في هذا العالم يجب أن يتعرف على الحق ويعيش بــه ، أمـا أن
يدخل في قوقعة من شهواته الضيقة ويحتجب في حدودها مذهولا عن كــل شــيء
فبئس المهاد ما اختار لحاضره ومستقبله .ومن أصدق مما قيل في أسس التربيــة " إذا لم
تشغل نفسك بالحق شغلتك بالباطل " فأفضل ما تصان به حياة الإنسـان أن يرسم لـها
منهاجا يستغرق أوقاته ويحصن النفوس من شرورها وأمثل الوسائل في هذه الحـــالات
هو وضع سياسات محكمة للإنشاء الدائم والبناء المســتمر فــإن شــحن الوقـت
بالواجبات والإنتقال من عمل إلى عمل آخر ولو من عمل مرهق إلى عمـل مـرفـه هـو
وحده الذي يحمينا من علل التبطل والفراغ .
فالفراغ يدمر ألوف المواهب والكفاءات ويخفيها وراء ركام هائل من الإستهانة
والإستكانة وبالتالي فإن الوقت الذي نضعيه سدى فرصة لا تعود ككل فترة من الحياة ،
فالعمر محدود مهما طال وكل إسراف في ساعات هذا العمر أشد خسارة من الإسراف بالمال
لأن المال مادة يحصلها الإنسان بالعمل والجد ، بينما لا يمكنه أن يستعيد الوقت الضائع مهما جد
أو عمل بعده .