مقاييس نقــــــد الشّــــعــــــــــر
يقوم الأدب والشعر على عناصر مهمة هي: المعنى – العاطفة – الخيال – الأسلوب . وسوف ندرس كل عنصر لنبين مقياسه النقدي الخاص به:-
أولاً: ـ مقاييس نقد المعنى: المعنى هو الفكرة التي تعبر عنها القصيدة
ومن أبرز مقاييس نقد المعنى :ـ
أ – مقياس الصحة والخطأ :لابد للشاعر أن يلتزم بالحقيقة سواءً كانت تاريخية أم لغوية أم علمية لأن الخطأ الذي يقع الشاعر فيه يفسد شعره ويجعله غير مقبول .
ب - مقياس الجدة والابتكار :- إن المعاني الشعرية تكون لها مكانة نقدية متميزة حين تتصف بالطرافة والابتكار وليس المقصود أن يقدم الشاعر معان جديدة لكن المطلوب أن يقدم المعنى بأسلوب يبدو فيه جديداً .
ج – مقياس العمق والسطحية :- المعنى العميق هو الذي تجده يذهب بك بعيداً في دلالة معنوية عالية و تنثال على نفسك خواطر ومعاني كثيرة يثيرها فيك ويستدعيها إلى ذهنك ويكون ذلك بسبب موهبة يتميز بها الشاعر بما يختص به من قدرة بلاغية وعقلية
وثقافية عالية وتكون الأبيات عميقة إذا اعتمدت على الحكمة التي تمثل اختزال كبير من التجربة الإنسانية .
وهناك السطحية :- أي أن المعنى تجده سهلاً جداً يعرفه أكثر الناس ولا مزيّة فيه .
ثانيا:- مقاييس نقد العاطفة : العاطفة:الحالة الوجدانية التي تدفع الإنسان إلى الميل للشيء أو الانصراف
عنه و ما يتبع ذلك من حب أو كره وسرور أو حزن ورضى أو غضب.
أهميتها: إنها تمثل نقطة البدء في العمل الأدبي0 أبرز مقاييسها:
1- مقياس الصدق والكذب: وذلك بالبحث عن الدافع الذي دفع الشاعر إلى قول القصيدة فإن كان دافعاً حقيقياً كانت عاطفة صادقة وإن كانت عاطفة كاذبة كان الدافع غير حقيقي .
2- مقياس القوة أو الضعف :- إذا أثرت القصيدة في نفس قارئها وهزت وجدانه كانت عاطفتها قوية أما إذا لم تترك أثراً كانت عاطفتها ضعيفة وقوة العاطفة ليست معناها أن تكون المعاني بطولية كبيرة بل أن قوة العاطفة لتبدو في موضوعات الذكرى والحزن والألم.
ثالثاً :- مقاييس نقد الخيال :- الخيال: - هو الملكة الفنية التي تصنع الصورة الأدبية وهو عنصر أصيل في الأدب كله وفي الشعر خاصة
أهم مقاييسه :-
أ – صحة الخيال : - إن المقياس لصحة الخيال مردود للذوق الأدبي وخاصة إذا كان الحكم صادر من ناقد متمكن أو قارئ مرهف فليس كل خيال يمكن أن نسلكه في إعداد الصورة الأدبية إذ أن من الخيال ما يكون كحلم النائم لا يستند إلى واقع.
ب – نوع الخيال :
1 - الصورة الخيالية البسيطة : هي التي تمثل مشهداً محدداً لموقف من المواقف أو معنى من المعاني التي يريد الشاعر تصويرها .
2- الصورة الخيالية المركبة : مجموعة مشاهد مركبة متعددة تضمها كلها صورة واحدة ، ونجد في هذا النوع من الصور مشهداً فيه حركة وحيوية وألوان مختلفة.
أهميته: حينما نرى كيف يبدع الشاعر في تصوير مشاهد مألوفة في حياتنا ، قد اعتدنا على رؤيتها ، لكنه يبث فيها الحياة والحركة ويتخيلها على نحو فيه إثارة وطرافة ....
رابعاً: مقاييس نقد الأسلوب : الأسلوب هو البناء اللغوي للشعر من حيث اختيار المفردات وصياغة تراكيب وموسيقى الشعر .
أبرز مقـاييســـــه
أ - نقد المفردات : - ولا بد من مراعاة الأمور التالية : -
1- سلامة الكلمة من الغرابة: - إن فصاحة الكلمة شرط في فصاحة الكلام بعامة وتتحقق فصاحتها بخلوها من العيوب التي تصيب الكلمة .
2- إيحاء الكلمة : لابد من حسن اختيار الكلمات لأن لها ظلالاً وتداعيات لذا يختار الشاعر كلمات توحي بمعانٍ متعددة تكسب الشاعر آفاقاً رحبة .
3- دقة استعمال الكلمة : على الشاعر أن يجد البحث عن كلمات تناسب المقام وأن تكون استعمالاته للمفردات متقن .
ب - نقد التراكيب : تدرس التراكيب في الشعر لمعرفة خصائصها ومميزاتها من حيث الجزالة والشمولية .
1- الأسلوب الجزل : ما كان قوياً غير مستكره ولا ركيك ويحدده الناقد بأنه الأسلوب الذي تسمعه العامة ويعرفونه لكنهم لا يستعملونه في أحاديثهم .
2- الأسلوب السهل : هو ما ارتفعت ألفاظه عن ألفاظ العامة وخلا من اللفظ الغريب الذي يحتاج إلى بيان وتفسير
ج- نقد موسيقا الشعر : تعد موسيقا الشعر الخاصية البارزة والعلامة الفارقة بينه وبين النثر وتتألف موسيقا الشعر من :
1- الوزن الشعري : ويراد به البحر الشعري الذي صيغت عليه القصيدة فالبحور ذوات التفعيلات الطويلة تصلح غالباً للموضوعات الحماسية أما البحور الخفيفة تصلح لغرض الغزل ونحوه .
2- القافيـــــــــــــة : وهي الركن الثاني من أركان النظم الشعري واختيار القافية وإيقاعها وحرفها المميز يمثل مستوى إبداعياً.
3- الموسيقى الداخلية : وهي نغم خاص تمتاز به القصيدة بسبب اختيار الشاعر للمفردات وترتيبها وفق نسق خاص ، وما يتبع ذلك من حركات الإعراب ، والمدّ ، والإمالة ، والتفخيم ، وفنون البديع اللفظي المختلفة .
نماذج من النقد التطبيقي ( نصوص محللة)
النص : - راجع الكتاب ص71 ( قصيدة أبي تمام في الغربة والفراق )
1- نقد المعاني : موضوع هذه الأبيات يدور حول معاناة الشاعر من فراق الأحبة واستمرار الغربة التي لا تكاد تنتهي . وتخلو المعاني من تجاوز الحقيقة وهي معاني صحيحة لا مجال لوجود خطأ فيها ومن ناحية الجدة والابتكار فهي معان تقليدية طرافتها جاءت من الجانب غير الجانب المعنوي وإن كان البيت الرابع فيه جدة وطرافة واضحتان.
2- نقد العاطفة : قوة العاطفة في النص تتجلى بأثر النص في نفوسنا بسبب جمال أسلوبه وإيقاعه الجميل وبسبب التعاطف الذي كتب عليه أن يظل مسافراً أبداً وقد استطاع الشاعر أن يجعلنا نتأثر بذلك.
3- نقد الخيال : تضمنت الأبيات عدداً من الصور الخيالية البسيطة من حيث مكوناتها الإبداعية وتجلي براعة الشاعر في رسمها وتوظيفها لخدمة غرضه والخيال في تلك الصور كلها صحيح ليس فيه إغراب أو تعميه.
4- نقد الأسلوب : جاءت مفردات النص واضحة وبينة والعجب أن تكون من الأسلوب السهل لشاعر قامت شهرته على التكلف أما في مجال التراكيب فأسلوبي سهل لا تجد فيه ما يشعر بالتكلف أو الصنعة أما في مجال موسيقا الشعر ، فقد اختــــــار( البحر البسيط ) وهو وزن شعري يلائم طابع الذكرى والألم والحنين.