تصنف قضية الأمهات العازبات في باب المحظورات أو بالمعنى الأدق في خانة المسكوت عنه، لأنها تكتسي أبعادا غير أخلاقية ولأنها نتاج اتصال جنسي غير مشروع (الزنا)وقد حرم الله هذه الفاحشة وجعلها كبيرة من الكبائر وذلك لما يترتب عليها من مفاسد عظيمة تؤدي إلى انهيار أخلاق المجتمع واختلاط الأنساب، ولذلك قال الله عز وجل (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا). ويفهم من هذه الآية أن الإسلام يؤكد قاعدة الوقاية خير من العلاج، لذلك نهى عن كل ما يكون طريقا للوقوع في هذه الجريمة الخطيرة، فنهى عن الخلوة بالمرأة الأجنبية، ونهى إلى النظر إلى الجنس الآخر بشهوة ونهى عن التبرج والاختلاط غير المشروع وكل ذلك حتى يقي الإنسان نفسه من وسوسة الشيطان المغوية التي قد تدفعه إلى الوقوع في جريمةا لزنا وعلى كل مسلم الحذر من إيحاءات النفس الأمارة بالسوء ونزعات الهوى بأن يقع في مثل هذا الجرم الخطير الذي له عواقب وخيمة على المجتمع بكامله ولذلك نجد المنهج النبوي يلغي صفة الإيمان عن كل من يرتكب هذه الجريمة حينما يرتكبها حيث قال الرسول عليه وآله الصلاة والسلام : (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن).
وعن الأسباب التي جعلت مثل هذه الظواهر تتفشى في السنوات الأخيرة، يجمع أهل الاختصاص في علم النفس والاجتماع والدين، إلى غياب الرادع والوازع الديني و استفحال مشاكل العنوسة والبطالة ، والتفكك الأسري والضعف المادي، والبرود العاطفي والخواء الروحي و تكتم وصمت العائلات خوفا على شرفها و الانتشار اللامحدود للأفلام والمواقع الخليعة على الفضائيات والانترنيت دون وجود رقابة لازمة أو بالمعنى الأدق الابتعاد عن الدين، كل هذه العوامل وراء كل تسيب في المجتمع ومفتاح جميع أنواع الرذائل وأشدها،كما أنها الدوافع الرئيسية لانسياق بعض أفراد المجتمع إلى هذه المهالك الخطيرة التي إن لم يعجل بحلها، ستعصف بعذريّة المجتمع وعفته وانطلاقا من هذا نقول لكل من وقع في هذا المحظور الشرعي بأن يتوب إلى الله تبارك وتعالى توبة نصوحة مصحوبة بكثرة الطاعات والإعمال الصالحة والاستغفار والالتجاء إلى الله تبارك وتعالى، فان الله عز وجل يفرح بتوبة العبد المؤمن مصداقا لقوله تعالى (وتوبوا لله جميعا أيها المؤمنون(
أما بخصوص هؤلاء الأطفال الذين هم ضحية نزوة شيطانية لا ذنب لهم ويستحقون من المجتمع كل رعاية وعطف وتنشئة سليمة بعيدة عن البيئة التي ولدوا فيها .
وختاما نقول إن قضية الأمهات العازبات هي حقيقة كارثة اجتماعية ومصيبة عائلية تندرج في إطار جملة المسكوت عنه في مجتمعنا. ومن هنا وجب تحطيم جدار الصمت حول هذه المشكلة وتسليط الضوء عليها، لأنه إذا شخص الداء سهل معرفة الدواء.
/ شمشار رمضان/الجزائر