شمشار مدير
عدد المساهمات : 3923 تاريخ التسجيل : 23/05/2009 العمر : 59 الموقع : ibdaa.roo7.biz
| موضوع: أفعال المطاوعة الأربعاء يناير 13, 2010 9:31 am | |
| أفعال المطاوعة أفعال لا تتعدى إلى مفعول؛ لأنها إخبارٌ عما تريده من فاعلها. فإذا كان الفعل بغير زيادة فمطاوعه يقع على انفعل. وقد يدخل عليه افتعل إلا أن الباب انفعل؛ وذلك قولك: كسرته فانكسر. فإن المعنى: أني أردت كسره فبلغت منه إرادتي. وكذلك قطعته فانقطع، وشويت اللحم فانشوى، ودفعته فاندفع. وقد يقع اشتوى في معنى انشوى؛ لأن افتعل وانفعل على وزن. فأما الأجود في قولك: اشتوى، فأن يكون متعدياً على غير معنى الانفعال. تقول اشتوى القوم، أي: اتخذوا شواءً. فتقول على هذا: اشتوى القوم لحماً. و لا يكون انفعل من هذا ولا من غيره إلا غير متعدٍ إلى مفعول. و إن كان الفعل على أفعل فبابه أفعلته ففعل. ويكون فعل متعدياً وغير متعدٍّ. وذلك أخرجته فخرج؛ لأنك كنت تقول؛ خرج زيد. فإذا فعل به ذلك غيره قلت: أخرجه عبد الله، أي: جعله يخرج. وكذلك: أدخلته الدار فدخلها؛ أي: جعلته يدخلها. فإنما أفعلته داخلةٌ على فعل. تقول: عطا يعطو: إذا تناول، وأعطيته أنا: ناولته فالأصل ذا، وما كان من سواه فداخلٌ عليه. تقول: ألبسته فلبس، وأطعمته فطعم. فأما طرحت البئر وطرحتها، وغاض الماء وغضته، وكسب زيد درهماً وكسبه فهو على هذا بحذف الزوائد. وكذلك إن كان من غير هذا اللفظ؛ نحو: أعطيته فأخذه، إنما أخذ في معنى عطا: أي تناول. فإن كان الفعل على فاعل مما يقع لواحد فالمفعول الذي يقع فيه على أنه كان فاعلاً يكون على متفاعل، وفعله على تفاعل. تقول: ناولته فتناول، وقاعسته فتقاعس. هذا إنما يصلح إذا كان فاعل للفاعل وحده؛ نحو: عافاه الله، وناولت زيداً. فأما إذا كان من اثنين فهو خارج من هذا. وذلك نحو شاتمت زيداً، أي: كان منه إلي مثل ما كان مني إليه، وقاتلت زيداً، وضاربت عمراً. فالغالب من ذا يقع على فعل يفعل من الصحيح. تقول: شاتمني فشتمته وحق لي أن أشتمه، وضاربني فضربته فأنا أضربه. لا يكون الفعل من هذا إلا على مثال قتل يقتل، وليس من باب ضرب يضرب ولا علم يعلم. فإن كان الفعل على مثال فعلت أو فاعلت فقد قلنا: إنه يكون على تفاعل وتفعل. و استفعل يكون المطاوع فيه على مثاله قبل أن تلحقه الزيادة إذا كان المطلوب من فعله وذلك: استنطقته فنطق، واستكتمه فكتم، واستخرجته فخرج. فإن كان من غير فعله جاء على لفظ آخر، نحو: استخبرته فأخبر، لأنك تريد: سألته أن يخبرني وكان فعله أخبر بالألف الثانية. فجاء على مقدار ما كان عليه، وكذلك: استعلمته فأعلمني، فعلى هذا يجري ما ذكرناه من هذه الأفعال.
المقتضب ج1ص82 | |
|
شمشار مدير
عدد المساهمات : 3923 تاريخ التسجيل : 23/05/2009 العمر : 59 الموقع : ibdaa.roo7.biz
| موضوع: مصادر الأفعال إذا جاوزت الثلاثة الأربعاء يناير 13, 2010 9:33 am | |
| هذا باب مصادر الأفعال إذا جاوزت الثلاثة صحيحها ومعتلها والاحتجاج لذلك وذكر أبنيتها أما ما كان من ذوات الأربعة فإن الفعل منه يكون على فعلل ماضياً، ويكون مستقبله على يفعلل. و مصدره على فعللة وفعلال؛ نحو: دحرجته دحرجةً، وهملج الدابة هملجة وسرهفته سرهفة، وسرعفته سرعفة، وزلزل الله بهم زلزلة. و المضارع يدحرج ويسرهف ويهملج. و الفعلال؛ نحو السرهاف والسرعاف والزلزال. و المصدر اللازم هو الفعللة. والهاء لازمة له لأنها بدلٌ من الألف التي تلحق هذا الضرب من المصادر قبل أواخرها نحو ما ذكرنا من السرهاف والزلزال. قال العجاج: سرهفته ما شئت من سرهاف
و ما كان من ذوات الثلاثة المزيدة الواقعة على هذا الوزن من الأربعة فحكمه حكم هذه التي وصفناها إذا كانت زيادته للإلحاق، وذلك نحو: حوقلت حوقلة، وبيطرت بيطرة، وجهور بكلامه جهورة. وكذلك: شمللت شمللة، وصعررت صعررة، وسلقيته سلقاة، يا فتى، وجعبيته جعباة يا فتى. و المضارع على مثال يدحرج؛ نحو: يحعبي ويحوقل ويشملل، وكذلك جميعها. فأما مثل الزلزال والسرهاف فالحيقال والسلقاء؛ كما قال: يا قوم قد حوقلـت أو دنـوت و بعض حيقال الرجال الموت
فإن كان الشيء من ذوات الثلاثة على وزن ذوات الأربعة التي وصفنا من زوائد غير حروف الإلحاق فإن المضارع كمضارع ذوات الأربعة؛ لأن الوزن واحد، ولا يكون المصدر كمصادرها، لأنه غير ملحق بها، وذلك ما كان على فعلت وفاعلت وأفعلت فالوزن على وزن دحرجت، تقول: قطع يقطع، وكسر يكسر على مثال يدحرج. فهذا فعلت. و أما فاعلت فنحو: قاتل يقاتل، وضارب يضارب. و أما أفعلت فنحو: أكرم يكرم، وأحسن يحسن. وكان الأصل يؤكرم ويؤحسن حتى يكون على مثال يدحرج؛ لأن همزة أكرم مزيدة بحذاء دال دحرج، وحق المضارع أن ينتظم ما في الماضي من الحروف. ولكن حذفت هذه الهمزة؛ لأنها زائدة، وتلحقها الهمزة التي يعني بها المتكلم نفسه، فتجتمع همزتان، فكرهوا ذلك، وحذفوها إذ كانت زائدة، وصارت حروف المضارعة تابعةً للهمزة التي يعني بها نفسه؛ كما حذفت الواو التي في يعد لوقوعها بين ياءٍ وكسرة وصارت حروف المضارعة تابعة للياء. و مع هذا فإنهم قد حذفوا الهمزة الأصلية لالتقاء الهمزتين في قولك: كل، وخذ، فراراً من اؤكل ومن اؤخذ، وأمنوا الالتباس. فإن اضطر شاعر فقال: يؤكرم ويؤحسن جاز ذلك، كما قال: وصاليات ككما يؤثفين
و كما قال: كرات غلام في كساءٍ مؤرنب
و كما قال: فإنه أهلٌ لأن يؤكرما
و قد يجيء في الباب الحرف والحرفان على أصولهما وإن كان الاستعمال على غير ذلك ليدل على أصل الباب. فمن ذلك "استحوذ عليهم الشيطان"، وأغيلت المرأة. المستعمل في هذا الإغيال على ما يجده في كتاب التصريف نحو: استجاز وأقام واستقام. و كذلك لححت عينه. ونحو قولك: قد علمت ذاك بنات ألببه
فمما جاء على أصله فيما الهمزة فيه قولهم: اومر فهذا كنحو ما وصفت لك في الكلام. ولم يجز في الزائدة مثل هذا في غير الشعر، لأن الأصلية أمكن. فإذا كان إثباتها ممتنعاً فهو من الزيادة أبعد. فالمصدر في أفعلت على مثال الزلزال. ولم يكن فيه مصدر جاء لزلزلة لأنه نقص في المضارع فجعل هذا عوضاً، وذلك نحو: أكرمت إكراماً، وأعطيته إعطاءً، وأسلمت إسلاماً فهذا غير منكسر ولا ممتنع في أفعلت من الصحيح. أما فاعلت فمصدره اللازم مفاعلة. ما كان فيه لاثنين أو لواحد، وذلك نحو: قاتلت مقاتلة، وشاتمت مشاتمة، وضاربت مضاربة، فهذا على مثال دحرجت مدحرجة يا فتى. ولم يكن فيه شيءٌ على مثال الدحرجة؛ لأنه ليس بملحق بفعللت. ويجيء فيه الفعال؛ نحو: قاتلته قتالاً، وراميته رماءً. وكان الأصل فيعالاً؛ لأن فاعلت على وزن أفعلت وفعللت، والإكرام، ولكن الياء محذوفةٌ من فيعال استخفافاً، وإن جاء بها جاءٍ فمصيبٌ. و أما قولنا: ما يكون لاثنين فنحو: شاتمت، وضاربت. لا يكون هذا من واحد، ولكن من اثنين فصاعداً. و أما ما يكون لواحد من هذا الباب فنحو: عاقبت اللص، وطارقت النعل، وعافاه الله. ولهذا موضع مميز فيه إن شاء الله. و من هذا الوزن فعلت ومصدره التفعيل؛ لأنه ليس بملحق، فالتاء الزائدة عوض من تثقيل العين، والياء بدلٌ من الألف التي تلحق قبل أواخر المصادر، وذلك قولك: قطعته تقطيعاً، وكسرته تكسيراً، وشمرت تشميراً. وكان أصل هذا المصدر أن يكون فعالاً كما قلت: أفعلت: إفعالاً وزلزلت زلزالاً ولكنه غير لبيان أنه ليس بملحق. و لو جاء به جاءٍ على الأصل لكان مصيباً.كما قال الله عز وجل: "و كذبوا بآياتنا كذاباً". فهذا على وزن واحد. أعني فعللت وفاعلت وأفعلت وفعلت، والملحقات بفعللت. و يسكن أول الفعل من قبيل غير هذا فتلحقها ألف الوصل وتكون على مثال انفعل وذلك نحو: انطلق، والمصدر على الانفعال. تقول: انطلق انطلاقاً، وانكسر انكساراً، وانفتح انفتاحاً. ولا تلحق النون زائدةً ثانية لألف الوصل إلا هذا المثال. و في وزنه ما كان على افتعل والفاء تسكن فتلحقها ألف الوصل فيكون المصدر الافتعال وذلك نحو: اقتدر اقتداراً، واقتحم اقتحاماً، واكتسب اكتساباً. و لا تلحق التاء شيئاً من الأفعال زائدةً بعد حرف أصلي إلا هذا المثال. و يضاعف آخر الفعل ويسكن أوله فتلحقه ألف الوصل ويكون على هذا الوزن، إلا أن الإدغام يدركه لالتقاء الحرفين من جنس واحد، وذلك نحو: احمررت واسوددت، واخضررت. فإذا قلت: احمر يا فتى وما أشبهه، لحقه الإدغام. فهذا قبيل آخر. و من الأفعال ما يقع على مثال استفعلت. وذلك أن السين والتاء زائدتان، إلا أن السين ساكنة تلحقها ألف الوصل، وذلك نحو: استخرجت، واستكرمت، واستعطيت. فالمصدر من ذا استفعالاً. تقول: استخرجت استخراجاً، واستنطقت استنطاقاً. و يكون على هذا الوزن إلا أن آخره مضاعف فيدركه الإدغام. وذلك المثال نحو: احماررت، وابياضضت. على معنى احمررت، وابيضضت. إلا أن الأصل افعاللت. وافعللت محذوف منه. والمصدر على وزن مصدر استفعلت، وتقديره: افعيلال وذلك: اشهاب الفرس اشهيباباً، وادهام ادهيماماً، وابياض ابيضاضاً. و يكون على هذا الوزن ويسكن أوله فتلحقه ألف الوصل، إلا أن الواو فيه مضاعفة. وذلك افعولت ومصدره افعوالاً، وذلك: اجلوذ اجلواذاً، واعلوط اعلواطاً. و من هذا الوزن ما زيدت فيه الواو بين العينين، فكان على مثال افعوعل وذلك نحو: اغدودن، واعشوشبت الأرض واخلولق للخير. والمصدر افعيعالاً على وزن استخراجاً في السكون والحركة، وكذلك كل شيءٍ وازن شيئاً فهو يجري مجراه: في سكونه وحركته، في المضارع والمصدر، إلا ما ذكرت لك من مخالفة فعل وأفعل في المصدر للأربعة؛ لتفصل بين الملحق وغيره. و يقع في الوزن افعنلل من الأربعة والثلاثة ملحقة بالأربعة فذلك نذكره بعد هذا الباب. و قولنا: إن الأفعال إذا وقعت على وزن واحد بغير إلحاق في الثلاثة التي تلحقها الزوائد استوت مصادرها فيه بيان كل ما يرد في هذا الباب. و اعلم أن التاء تلحق فاعل، وفعل فيكون الفعل على تفاعل وتفعل، كما تلحق فعلل الذي أصله الأربعة، وذلك نحو: دحرج، إذا ذكرت المطاوعة قلت: تدحرج فيكون المصدر تدحرجاً. فكذلك تقول: تقطع تقطعاً، وتكسر تكسراً. و في فاعل تقول: تغافل تغافلاً، وتناول تناولاً؛ لأنك تقول: ناولته فتناول؛ كما تقول: دحرجته فتدحرج، وكذلك كسرته فتكسر. هذا باب أفعال المطاوعة من الأفعال التي فيها الزوائد من الثلاثة، والأفعال التي لا زوائد فيها منها و أفعال المطاوعة أفعال لا تتعدى إلى مفعول؛ لأنها إخبارٌ عما تريده من فاعلها. فإذا كان الفعل بغير زيادة فمطاوعه يقع على انفعل. وقد يدخل عليه افتعل إلا أن الباب انفعل؛ وذلك قولك: كسرته فانكسر. فإن المعنى: أني أردت كسره فبلغت منه إرادتي. وكذلك قطعته فانقطع، وشويت اللحم فانشوى، ودفعته فاندفع. وقد يقع اشتوى في معنى انشوى؛ لأن افتعل وانفعل على وزن. فأما الأجود في قولك: اشتوى، فأن يكون متعدياً على غير معنى الانفعال. تقول اشتوى القوم، أي: اتخذوا شواءً. فتقول على هذا: اشتوى القوم لحماً. و لا يكون انفعل من هذا ولا من غيره إلا غير متعدٍ إلى مفعول. و إن كان الفعل على أفعل فبابه أفعلته ففعل. ويكون فعل متعدياً وغير متعدٍّ. وذلك أخرجته فخرج؛ لأنك كنت تقول؛ خرج زيد. فإذا فعل به ذلك غيره قلت: أخرجه عبد الله، أي: جعله يخرج. وكذلك: أدخلته الدار فدخلها؛ أي: جعلته يدخلها. فإنما أفعلته داخلةٌ على فعل. تقول: عطا يعطو: إذا تناول، وأعطيته أنا: ناولته فالأصل ذا، وما كان من سواه فداخلٌ عليه. تقول: ألبسته فلبس، وأطعمته فطعم. فأما طرحت البئر وطرحتها، وغاض الماء وغضته، وكسب زيد درهماً وكسبه فهو على هذا بحذف الزوائد. وكذلك إن كان من غير هذا اللفظ؛ نحو: أعطيته فأخذه، إنما أخذ في معنى عطا: أي تناول. فإن كان الفعل على فاعل مما يقع لواحد فالمفعول الذي يقع فيه على أنه كان فاعلاً يكون على متفاعل، وفعله على تفاعل. تقول: ناولته فتناول، وقاعسته فتقاعس. هذا إنما يصلح إذا كان فاعل للفاعل وحده؛ نحو: عافاه الله، وناولت زيداً. فأما إذا كان من اثنين فهو خارج من هذا. وذلك نحو شاتمت زيداً، أي: كان منه إلي مثل ما كان مني إليه، وقاتلت زيداً، وضاربت عمراً. فالغالب من ذا يقع على فعل يفعل من الصحيح. تقول: شاتمني فشتمته وحق لي أن أشتمه، وضاربني فضربته فأنا أضربه. لا يكون الفعل من هذا إلا على مثال قتل يقتل، وليس من باب ضرب يضرب ولا علم يعلم. فإن كان الفعل على مثال فعلت أو فاعلت فقد قلنا: إنه يكون على تفاعل وتفعل. و استفعل يكون المطاوع فيه على مثاله قبل أن تلحقه الزيادة إذا كان المطلوب من فعله وذلك: استنطقته فنطق، واستكتمه فكتم، واستخرجته فخرج. فإن كان من غير فعله جاء على لفظ آخر، نحو: استخبرته فأخبر، لأنك تريد: سألته أن يخبرني وكان فعله أخبر بالألف الثانية. فجاء على مقدار ما كان عليه، وكذلك: استعلمته فأعلمني، فعلى هذا يجري ما ذكرناه من هذه الأفعال. هذا باب ما كان من بنات الأربعة وألحق به من الثلاثة فمثال بنات الأربعة التي لا زيادة فيها فعلل وذلك؛ نحو: دحرج وهملج، وسرهف. وقد مضى قولنا في مصدره. و تلحق به الثلاثة بالواو ثانيةً فيكون على فوعل؛ وذلك نحو: حوقل؛ كما تلحق اسماً؛ نحو: كوثر وجورب، والمصدر كالمصدر. و تلحق الواو ثالثةً فيكون على فعول؛ نحو: جهور كلامه جهورةً؛ كما يلحقه اسماً وذلك قولك: جدول، والمصدر كالمصدر. و تلحقه الياء ثانيةً فيكون الفعل على فيعل؛ وذلك نحو: بيطر. كما يلحقه اسماً إذا قلت: رجل جيدر وصيرف. والمصدر كالمصدر تقول: بيطر بيطرة. و تلحقه الياء رابعةً؛ نحو: سلقى وجعبى. والمصدر كالمصدر. و نظيره من الأسماء أرطى، وعلقى. ويدلك على أن الألف ليست للتأنيث أنك تقول في الواحدة: أرطاة وعلقاة، وهذا مبين في باب التصريف. وإنما نذكر هاهنا شيئاً للباب الذي ذكرناه. و كل ما كان ملحقاً بشيءٍ من الفعل فمصدره كمصدره. و ليس في الأفعال شيءٌ على فعيل ولكن فعيل ملحق بهجرع وذلك هريع وحيثل. فالفعل من بنات الأربعة بغير زيادة لا يكون إلا على فعلل فالأسماء تكون على فعللٍ؛ نحو: جعفر. وفعلل نحو الترتم، والجلجل. ويكون على فعلل نحو: زهلق، وخمخم. و يكون على فعلل نحو: هجرع، ودرهم؛ لتمكن الأسماء وتقدمها الأفعال. و تكون الأسماء على فعلٍّ؛ نحو: قمطر، وسبطر. فأما الأفعال فتلحقها الزيادة، فيكون الفعل على تفعلل، وهو الفعل الذي يقع على فعلل، وذلك؛ نحو: تدحرج وتسرهف؛ لأن التقدير: دحرجته فتدحرج. والمصدر التفعلل. و مصدر تفعل التفعل كقولك: تكسر تكسراً. و مصدر تفاعل إنما هو التفاعل؛ نحو: تغافل تغافلاً. فاستوت مصادر هذه في السكون والحركة؛ كما استوت أفعالها. و تلحق النون الأفعال ثالثةً، وتسكن أوائلها، وتلحقها ألف الوصل، فيكون على افعنلل وذلك نحو: احرنجم، واخرنطم. و الملحق به من بنات الثلاثة يكون على ضربين: أحدهما: أن تضاعف اللام فيكون الوزن افعنلل وإحدى اللامين زائدة، وذلك نحو: اقعنسس. و الوجه الآخر: أن تزاد ياءٌ بعد اللام فيكون افعنلى وذلك؛ نحو: استلقى ولا يكون الإلحاق به من بنات الثلاثة غير احرنجم، لأن النون إنما تقع بين حرفين من الأصل فلا يكون فيما ألحق به إلا كذلك. و تلحق بنات الأربعة الزيادة آخراً، ويسكن أولها فتلحقها ألف الوصل، فيكون بناء الفعل على افعللت وافعلل، إلا أن الإدغام يدركه؛ وذلك نحو: اقشعررت، واقشعر. وكان أصله اقشعرر. فنظيره من الثلاثة احماررت، واشهاببت، واشهاب الفرس. ومصدره كمصدره لأن الوزن واحد. و كذلك استفعلت الذي لا يكون إلا من الثلاثة، وذلك قولك: اشهاب الفرس اشهيباباً؛ كما تقول استخرج استخراجاً، واغدودن اغديداناً، واعلوط اعلواطاً. وقد مضى قولنا في استواء المصادر في السكون والحركة إذا استوت أفعالها. و لا يكون الفعل من بنات الخمسة البتة، إنما يكون من الثلاثة والأربعة. ومثال الخمسة للأسماء خاصة؛ لقوة الأسماء وتمكنها. و أكثر ما يبلغ العدد في الأسماء بالزيادة سبعة أحرف، ولا يكون ذلك إلا في المصادر من الثلاثة والأربعة ، وهما: اشهيباب واحرنجام، وما وقع على هذا الوزن من الثلاثة. فأما الخمسة فلا تبلغ بالزيادة إلا ستة أحرف؛ لأنه ليس منها فعلٌ فيكون لها مصدر كهذه المصادر، ولكن تلحقها الزوائد كما تلحق سائر الأسماء، وذلك نحو: عضرفوط، وعندليب، وقبعثرى، وهذا مبين في باب التصريف. هذا باب ذوات الثلاثة من الأفعال بغير زيادة فالأفعال منها تكون على فعل يفعل لما كان متعدياً وغير متعدٍّ. فأما المتعدي فنحو: ضرب يضرب، وحبس يحبس، وشتم يشتم. و أما غير المتعدي فنحو: جلس يجلس، وحرص يحرص، وشهق يشهق. و تكون على فعل يفعل فيكون للمتعدي وغيره. فأما المتعدي فنحو: قتل يقتل، وسجن يسجن، وعتل يعتل. و أما غير المتعدي فنحو: قعد يقعد، ونظر ينظر من العين، وعطس يعطس. و تكون على فعل يفعل لما يتعدى ولما لا يتعدى. فالمتعدى: شرب يشرب، ولقم يلقم، وحذر يحذر. و أما غير المتعدي فنحو: بطر يبطر، وفقه يفقه، ولحح يلحح، وشتر يشتر. و يكون على فعل يفعل ولا يكون إلا لما لا يتعدى. وذلك نحو: كرم يكرم، وشرف، وظرف. فهذه أبنية الثلاثة. و اعلم أن حروف الحلق إذا وقعت من فعل المفتوح في موضع العين أو اللام جاء فيه يفعل بالفتح؛ وذلك لأن حروف الحلق من حيز الألف، والفتحة منها. و إن كان حرف الحلق في موضع العين من الفعل انفتحت العين ليكون العمل من وجه واحد. فأما ما كانت منه في موضع اللام فسنذكره بعد ذكرنا حروف الحلق إن شاء الله. و هذه الحروف الستة: فأقصاها الهمزة والهاء، والمخرج الثاني العين والحاء، وأدنى مخارج الحلق إلى الفم الغين والخاء. فما كان من ذلك في موضع اللام فنحو: قرأ يقرأ، وبسأ به يبسأ، وجبه يجبه، وصنع يصنع، ونطح ينطح، وسنح يسنح، ومنح يمنح، وسلخ يسلخ، ونبغ ينبغ، ورقأ يرقأ. و ما كان في موضع العين فنحو: ذهب يذهب، وفعل يفعل، ونحل ينحل، ونهش ينهش، وجأر يجأر. و إن كان حرف الحلق في موضع الفاء لم يفتح له شيءٌ؛ وذلك أن الفاء لا تكون إلا ساكنة في يفعل. وإنما تتحرك في المعتل بحركة غيرها، نحو: يقول ويبيع. و اعلم أن الأصل مستعملٌ فيما كانت حروف الحلق في موضع عينه أو لامه؛ نحو: زأر الأسد يزئر، ونأم ينئم؛لأن هذا هو الأصل، والفتح عارض. لما ذكرت لك هاهنا من أجل مصادره ليجري الفعل عليها. ونحن ذاكروها بعد ذكر أسماء الفاعلين في هذه الأفعال إن شاء الله. هذا باب معرفة أسماء الفاعلين في هذه الأفعال وما يلحقها من الزيادة للمبالغة اعلم أن الاسم من فعل على فاعل؛ نحو قولك: ضرب فهو ضارب، وشتم فهو شاتم وكذلك فعل نحو: علم فهو عالم، وشرب فهو شارب. فإن أردت أن تكثر الفعل كان للتكثير أبنية: فمن ذلك فعال تقول: رجل قتال، إذا كان يكثر القتل. فأما قاتلٌ فيكون للقليل والكثير؛ لأنه الأصل. وعلى هذا تقول: رجل ضرابٌ وشتام، كما قال: أخا الحرب لباساً إليها جلالها
و ليس بولاج الخوالف أعقلا
فهذا ينصب المفعول كما ينصبه فاعلٌ؛ لأنك إنما تريد به ما تريد بفاعل، إلا أن هذا أكثر مبالغةً؛ ألا تراه يقول: لباساً إليها جلالها. ومن كلام العرب: أما العسل فأنت شراب. من هذه الأبنية فعول؛ نحو: ضروب، وقتول، وركوب: تقول: هو ضروب زيداً، إذا كان يضربه مرة بعد مرة. كما قال: ضروبٌ بنصل السيف سوق سمانها
إذا عدموا زاداً فـإنـك عـاقـر
و من كلام العرب: إنه ضروبٌ رؤوس الدارعين. و من هذه الأبنية مفعال؛ نحو: رجل مضراب، ورجل مقتال. ومن كلام العرب: إنه لمنحار بوائكها. فأما ما كان على فعيل نحو:رحيم وعليم، فقد أجاز سيبويه النصب فيه، ولا أراه جائزاً. و ذلك أن فعيلا إنما هو اسم الفاعل من الفعل الذي لا يتعدى. فما خرج إليه من غير ذلك الفعل فمضارع له ملحق به. و الفعل الذي هو لفعيل في الأصل إنما هو ما كان على فعل: نحو: كرم فهو كريم، وشرف فهو شريف، وظرف فهو ظريف. فما خرج إليه من باب علم وشهد ورحم فهو ملحق به. فإن قلت: راحم وعالم وشاهد، فهذا اسم الفاعل الذي يراد به الفعل. واحتج سيبويه بقول الشاعر: حتى شآها كليلٌ موهناً عملٌ
باتت طراباً وبات الليل لم ينم
فجعل البيت موضوعاً من فعيل وفعل بقوله: عمل، وكليل. و ليس هذا بحجة في واحد منهما؛ لأن موهناً ظرف وليس بمفعول، والظرف إنما يعمل فيه معنى الفعل كعمل الفعل، كان الفعل متعدياً أو غير متعدٍّ. و كذلك ما ذكر في فعل. أكثر النحويين على رده، وفعيلٌ في قول النحويين بمنزلته. فما كان على فعل فنحو: فرق، وبطر، وحذر. و الحجة في أن هذا لا يعمل أنه لما تنتقل إليه الهيئة. تقول: فلان حذر. أي: ذو حذر، وفلان بطرٌ، كقولك: ما كان ذا بطر ولقد بطر، وما كان ذا حذر ولقد حذر. فإنما هو كقولك: ما كان ذا شرف ولقد شرف. وما كان ذا كرم ولقد كرم. ففعلٌ مضارعة لفعيل. وكذلك يقع فعل وفعيل في معنى، كقولك: رجل طب وطبيب، ومذل ومذيل، وهذا كثير جداً. و احتج سيبويه بهذا البيت: حذرٌ أموراً لا تضير، وآمنٌ
ما ليس منجيه من الأقدر
و هذا بيت موضوع محدث. وإنما القياس الحاكم على ما يجيء من هذا الضرب وغيره. فإن ذكرت فعولاً من غير فعل لم يجر مجرى الفعل، وذلك نحو قولك: هذا رسول. وليس بمنزلة ضروب؛ لأنك تقول: رجل ضارب وضروب لمن يكثر الضرب منه. فإذا قلت: رسول لم ترد به معنى فعل، إنما تريد أن غيره أرسله. والفعل منه أرسل يرسل. والمفعول مرسل. و ليس رسولٌ مكثراً من مرسل؛ لأن رسولاً قد يستقيم أن يكون أرسل مرةً واحدة، فليس للمبالغة. و أما ضروبٌ فمعناه كثرة الضرب. فإن كانت الأسماء جاريةً على أفعالها في الفاعلين والمفعولين عملت عمل أفعالها. لا اختلاف في ذلك بين أحد. ونحن ذاكروها مع ما ذكرنا إن شاء الله. و ذلك أنك إذا أردت التكثير من ذا قلت: مضربٌ أعناق القوم؛ لأن الاسم على ضرب مضرب. وإنما ذكرنا النصب في ضراب، لأنه في معنى مضرب؛ ألا ترى أنك لا تقول لمن ضرب ضربةً واحدةً: ضرابٌ، ولا لمن خاط خيطةً واحدةً: خياطٌ، ولا ضروبٌ، ولا خيوطٌ فإنما مضربٌ من ضربت، ومستخرج من استخرجت، ومنطلق من انطلقت. فاسم الفاعل قلت حروفه أو كثرت بمنزلة الفعل المضارع الذي معناه يفعل. واسم المفعول جار على الفعل المضارع الذي معناه يفعل. تقول: زيدٌ ضاربٌ عمراً؛ كما تقول: زيد يضرب عمراً. وزيد مضروب سوطاً، كما تقول: زيد يضرب سوطاً. فهذه جملة هذا الباب. و اعلم أن المصادر تنصب الأفعال التي هي منها، وقد مضى قولنا في هذا وفي مصادر ما جاوز عدده الثلاثة. ونحن ذاكرو المصادر التي تجري على الأفعال من ذوات الثلاثة على كثرتها واختلافها بعد فراغنا من هذا الباب إن شاء الله. اعلم أن المصادر تلحقها الميم في أولها زائدةً؛ لأن المصدر مفعولٌ. فإذا كان كذلك جرى مجرى المصدر الذي لا ميم فيه في الإعمال وغيره، وذلك قولك: ضربته مضرباً: أي ضرباً، وغزوته غزواً ومغزىً، وشتمته شتماً ومشتماً. و تقول: يا عمرو مشتماً زيداً. فإن كان المصدر لفعل على أكثر من ثلاثة كان على مثال المفعول؛ لأن المصدر مفعول. وكذلك إن بنيت من الفعل اسماً لمكان أو زمان، كان كل واحد منهما على مثال المفعول. لأن الزمان والمكان مفعول فيهما. وذلك قولك في المصادر: أدخلته مدخلاً، كما قال عز وجل: "أنزلني منزلاً مباركاً" و"باسم الله مجريها ومرساها". و كذلك: سرحته مسرحاً، وهذا مسرحنا؛ أي في موضع تسريحنا، وهذا مقامنا؛ لأنك تريد به المصدر والمكان من أقمت. وعلى ذلك قال الله عز وجل: "إنها ساءت مستقراً ومقاماً" لأنها من أقمت. وقال: "يا أهل يثرب لا مقام لنا" لأنها من قمت. موضع قيام ومن قرأ لا مقام إنما يريد: لا إقامة. قال الشاعر: ألم تعلم مسرحي القوافي
فلا عياً بهن ولا اجتلابا
أي تسريحي. وقال الآخر: و ما هي إلا في إزار وعلـقةٍ
مغار بن همامٍ على حي خثعما
أي وقت إغارة ابن همام. و هذا أوضح من أن يكثر فيه الاحتجاج؛ لأن المصدر هو المفعول الصحيح؛ ألا ترى أنك إذا قلت: ضربت زيداً، أنك لم تفعل زيداً وإنما فعلت الضرب، فأوصلته إلى زيد، وأوقعته به، لأنك إنما أوقعت به فعلك. فأما قول الله عز وجل: "و جعلنا النهار معاشاً" فمعناه: عيشاً، ثم قال: "و يسألونك عن المحيض" أي الحيض. فكان أحد المصدرين على مفعل والآخر على مفعل. و قوله عز وجل: "سلامٌ هي حتى مطلع الفجر". و مطلع الفجر وما أشبه هذا فله باب يذكر فيه إن شاء الله. هذا باب مصادر ذوات الثلاثة على اختلافها وتبيين الأصل فيها اعلم أن هذا الضرب من المصادر يجيء على أمثلة كثيرة بزوائد وغير زوائد؛ وذلك أن مجازها مجاز الأسماء، والأسماء لا تقع بقياس. و إنما استوت المصادر التي تجاوزت أفعالها ثلاثة أحرف فجرت على قياس واحد، لأن الفعل منها لا يختلف. والثلاثة مختلفةٌ أفعالها الماضية والمضارعة؛ فلذلك اختلفت مصادرها، وجرت مجرى سائر الأسماء. فمنها ما يجيء على فعل مفتوح الأول ساكن الثاني وهو الأصل، وسنبين الأصل إن شاء الله. فما جاء منها على فعل فقولك: ضربت ضرباً، وقتلت قتلاً، وشربت شرباً، ومكثت مكثاً. فهذا قد جاء فيما كان على فعل يفعل؛ نحو: ضرب يضرب، وعلى فعل يفعل نحو: قتل يقتل، وعلى فعل يفعل، نحو: شرب يشرب ولقم يلقم، وعلى فعل يفعل؛ نحو: مكث يمكث. و يقع على فعلٍ وفعلٍ بإسكان الثاني وكسر الأول أو ضمه. فأما الكسر فنحو: علم علماً، وحلم حلماً، وفقه فقهاً، وكذلك فقه. و أما ما كان مضموم الأول فنحو: الشغل تقول: شغلته شغلاً، وشربته شرباً، وسقم الرجل سقماً. و يكون على فعلٍ؛ نحو جلبته جلباً، وطربت طرباً، وحلب الرجل الشاة حلباً. و يكون على فعلٍ؛ نحو: سمن سمناً، وعظم عظماً، وكبر كبراً، وصغر صغراً. و يكون على فعلٍ؛ نحو: ضحك ضحكاً، وحلف حلفاً، وخنقه خنقاً. هذه المصادر بغير زيادة. و تكون الزيادة فيكون على فعولٍ وفعال، نحو: جلس جلوساً، وقعد قعوداً، ووقدت النار وقوداً، وشكرته شكوراً، وكفرته كفوراً. و الفعال، نحو: قمت قياماً، وصمت صياماً، ولقيته لقاءً. و يكون على فعال؛ نحو: ذهبت ذهاباً، وخفيت خفاءً، وشربت شراباً. يقول بعضهم. هو مصدر. وأما أكثر النحويين فالشراب عنده المشروب. وهذا لا خلاف فيه. وإنما تزعم طائفة أنه يكون للمصدر. و تقول: جمل جمالاً، وخبل خبالاً، وكمل كمالاً. يكون على هذا الوزن بالهاء نحو: سفه سفاهةً، وضل ضلالةً، وجهل جهالةً، وسقم سقامةً. و يكون في المعتل منه بناءٌ لا يوجد مثله في الصحيح. وذلك أنك لا تجد مصدراً على فيعلولة إلا في المعتل؛ وذلك شاخ شيخوخة، وصار صيرورة، وكان كينونة. إنما كان الأصل كينونة، وصيرورة وشيخوخة. وكان قبل الإدغام كيونونةً. ولكن لما كثر العدد ألزموه التخفيف كراهية للتضعيف. و مثل ذلك قولهم في هين: هين، وفي سيد: سيد، وكذلك ميت، وميت، ولين ولين. و جميع ما كان على هذا الوزن. فلما كان التخفيف في العدد الأقل جائزاً كان في العدد الأكثر لازماً. و لا يوجد مصدر على فيعلولة في غير المعتل؛ لأن من كلامهم اختصاص المعتل بأبنية لا تكون في غيره. والدليل على أنه فيعلول أنه لا يكون اسم على فعلول بفتح أوله، ولم يوجد ذلك إلا في قولهم: صعفوقٌ ويقال: إنه اسم أعجمي أعرب. و من الدليل على ذلك أن كينونة لو كان فعلولة لكان كونونة، لأنه من الواو، فهذا واضح جداً. و الدليل على أن أصل المصادر في الثلاثة فعل مسكن الأوسط مفتوح الأول أنك إذا أردت رد جميع هذه المصادر إلى المرة الواحدة فإنما ترجع إلى فعلة على أي بناء كان بزيادة أو غير زيادة. وذلك قولهم: ذهبت ذهاباً ثم تقول: ذهبت ذهبةً واحدة. وتقول في القعود: قعدت قعدة واحدة، وحلفت حلفة واحدة، وحلبته حلبة واحدة. لا يكون في جميع ذلك إلا هكذا. و الفعل أقل الأصول والفتحة أخف الحركات. ولا يثبت في الكلام بعد هذا حرف زائد ولا حركة إلا بثبت وتصحيح. و زعم سيبويه أن الأكثر في الفعل الذي لا يتعدى إلى المفعول أن يأتي على فعول وإن كان الفعل هو الأصل. فكأن الواو إنما زيدت وغير للفصل بين المتعدي وغيره؛ وذلك نحو: جلست جلوساً، ووقدت النار وقوداً، وإن كان الأصل ما ذكرنا. وقد يجيء هذا فيما لا يتعدى أكثر. و جاءت مصادر على فعول مفتوحة الأوائل؛ وذلك قولك: توضأت وضوءً حسناً، وتطهرت طهوراً، وأولعت به ولوعاً، ووقدت النار وقوداً، وإن عليه لقبولاً. على أن الضم في الوقود أكثر إذا كان مصدراً وأحسن. هذا باب ما كان من المعتل فيما جاوز فعله الثلاثة فلزمه الحذف لاعتلاله والإتمام لسلامته اعلم أن المعتل يقع على ضربين: محذوفاً، ومتمماً. فما لزمه الحذف لعلة تكون تلك العلة راجعة في مصدره فمصدره معتل كاعتلاله. وما سلم من الحذف فعله كان مصدره تاماً. فمن ذلك ما يكون من الثلاثة مما فاؤه واو، وذلك نحو: وعد ووجد. فإذا قلت: يعد ويجد وقعت الواو بين ياءٍ وكسرة فحذفت لذلك، فكان يعد ويجد. وكان الأصل: يوعد ويوجد. ولو لم تكن الكسرة بعد الياء لصحت؛ كما تصح في يوجل، أو أبدلت ولم تحذف: كما تقول: ييجل وييحل، وياجل وياحل. فإذا قلت: وعداً، ووزناً صح المصدر؛ لأنه لم تلحقه علة. فإن قلت: عدة وزنة أعللت فحذفت؛ لأن الكسرة في الواو. فالعلة في المصدر من جهتين: إحداهما: علة فعله، والثانية: وقوعها فيه؛ ألا ترى أنها لو كانت علة الفعل وحدها لصح المصدر كما ذكرت لك في الوعد والوزن. و لو بنيت اسماً على فعلة لا تريد به مصدراً لصحت الواو وذلك مثل الوجهة، فكذلك كل مصدر من المعتل. وهذا الذي قدمت ما اعتلت فاؤه. و الذي تعتل عينه من باب قال وباع هذا مجراه، تقول: قمت قياماً فإنما حذفت موضع العين من قمت؛ لاجتماع الساكنين. ولم يلتق في المصدر ساكنان، ولكن يلزمك لاعتلال الفعل أن تقلب الواو ياءً، لأن قبلها كسرةً. فقد اجتمع فيها شيئان: الكسرة قبلها، واعتلال الفعل. فلذلك قلت: لذت لياذاً، ونمت نياماً، وقمت قياماً. و لو كان المصدر ل قاومت لصح فقلت: قاومته قواما، ولاوذته لواذاً. و كان اسماً غير مصدر نحو: خوان. فإن كان المصدر لا علة فيه صح على ما ذكرت لك. وذلك قولك: قلت قولاً، وجلت جولاً، وكذلك بعت بيعاً، وكلت كيلاً. لا نقص في شيء من ذلك. و كذلك إن اعتلت اللام فلحقت المصدر تلك العلة والفعل بزيادة أو غير زيادة. هذا باب الأمر والنهي فما كان منهما مجزوماً فإنما جزمه بعامل مدخلٍ عليه. فاللازم له اللام. وذلك قولك: ليقم زيد. ليذهب عبد الله. وتقول: زرني ولأزرك، فتدخل اللام؛ لأن الأمر لك. فأما إذا كان المأمور مخاطباً ففعله مبنيٌّ غير مجزوم وذلك قولك: اذهب. وانطلق. و قد كان قوم من النحويين يزعمون أن هذا مجزوم، وذلك خطأ فاحش؛ وذلك لأن الإعراب لا يدخل من الأفعال إلا فيما كان مضارعاً للأسماء. و الأفعال المضارعة هي التي في أوائلها الزوائد الأربع: الياء، والتاء، والهمزة، والنون. وذلك قولك: أفعل أنا، وتفعل أنت، ويفعل هو، ونفعل نحن. فإنما تدخل عليها العوامل وهي على هذا اللفظ. و قولك: اضرب، وقم ليس فيه شيء من حروف المضارعة، ولو كانت فيه لم يجز جزمه إلا بحرف يدخل عليه فيجزمه. فهذا بين جداً. و يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ "فبذلك فلتفرحوا" فهذا مجزوم جزمته اللام وجاءت هذه القراءة على أصل الأمر، فإذا لم يكن الأمر للحاضر المخاطب فلا بد من إدخال اللام، تقول: ليقم زيد، وتقول: زر زيداً وليزرك. إذا كان الأمر لهما؛ لأن زيداً غائب، ولا يكون الأمر له إلا بإدخال اللام. و كذلك إن قلت: ضرب زيد فأردت الأمر من هذا: ليضرب زيد، لأن المأمور ليس بمواجه. و اعلم أن الدعاء بمنزلة الأمر والنهي في الجزم والحذف عند المخاطبة، وإنما قيل: دعاء وطلبٌ للمعنى؛ لأنك تأمر من هو دونك، وتطلب إلى من أنت دونه. وذلك قولك: ليغفر الله لزيد وتقول: اللهم اغفر لي؛ كما تقول: اضرب عمراً. فأما قولك: غفر الله لزيد، ورحم الله زيداً، ونحو ذلك فإن لفظه لفظ الخبر ومعناه الطلب؛ وإنما كان كذلك ليعلم السامع أنك لا تخبر عن الله عز وجل وإنما تسأله. كما أن قولك: علم الله لأقومن. إنما لفظه لفظ رزق الله ومعناه القسم؛ لأنك في قولك: علم مستشهدٌ. و تقول: يا زيد ليقم إليك عمرو، ويا زيد لتدع بني عمرو. و النحويون يجيزون إضمار هذه اللام للشاعر إذا اضطر، ويستشهدون على ذلك بقول متمم بن نويرة: على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي
لك الويل حر الوجه أو يبك من بكى
يريد: أو ليبك من بكى. وقول الآخر: محمد تفد نفسك كل نفـسٍ
إذا ما خفت من شيءٍ تبالا
فلا أرى ذلك على ما قالوا؛ لأن عوامل الأفعال لا تضمر، وأضعفها الجازمة؛ لأن الجزم في الأفعال نظير الخفض في الأسماء. ولكن بيت متمم حمل على المعنى؛ لأنه إذا قال: فاخمشي فهو في موضع فلتخمشي، فعطف الثاني على المعنى. و أما هذا البيت الأخير فليس بمعروف، على أنه في كتاب سيبويه على ما ذكرت لك. و تقول: ليقم زيد، ويقعد خالد، وينطلق عبد الله؛ لأنك عطفت على اللام. و لو قلت: قم ويقعد زيد لم يجز الجزم في الكلام. ولكن لو اضطر شاعر فحمله على موضع الأول لأنه مما كان حقه اللام كان على ما وصفت لك. و اعلم أن هذه اللام مكسورةٌ إذا ابتدئت فإذا كان قبلها فاء أو واو فهي على حالها في الكسر. وقد يجوز إسكانها، وهو أكثر على الألسن. تقول: قم وليقم زيد "فلتقم طائفةٌ منهم معك" "ولتكن منكم أمةٌ". وإنما جاز ذلك؛ لأن الواو والفاء لا ينفصلان، لأنه لا يتكلم بحرف واحد. فصارتا بمنزلة ما هو في الكلمة، فأسكنت اللام هرباً من الكسرة. كقولك في علم: علم، وفي فخذ: فخذ. و أما قراءة من قرأ ثم ليقطع فلينظر. فإن الإسكان في لام فلينظر جيد وفي لام ليقطع لحنٌ؛ لأن ثم منفصلة من الكلمة. وقد قرأ بذلك يعقوب بن إسحاق الحضرمي.
| |
|