إن الملاحظ في هذا العصر هو ذاك الإنتشار الرهيب للآفات الإجتماعية التي أصبحت تهدد سلامة أفراد المجتمع ،
وتبقى التربية سواء في الأسرة أو في المدرسة بعيدة كل البعد عن الهدف المتظر منها ، والمتمثل في تكوين متحضر ومتخلق ، يسوده العدل والحرية والتكافل الإجتماعي والشعور بالمسؤولية … إلا أن الواقع يبين لنا عكس ذلك تماما ، فبدل أن تعم هذه الحضارة الحميدة المجتمع ، نجد انتشار نواقصها من ظلم وأنانية ونفاق وغش … وكلها ميزات مجتمع منحط فاسد ومنحرف .
وباعتبار أن المدرسة جزء لا يتجزأ من المجتمع ، فإن حولها ظواهر سلبية وأهمها ظاهرة الغش في الوسط المدرسي ، هذا الأخير الذي كاد أن يصبح رمزا للغش والآفات الأخرى نظرا لتفتيشها فيه ، عوض أن يكون رمز العلم والتربية .
إن الغش هو ظاهرة اجتماعية موجودة في كل المجتمعات والأمم ، لكن بدرجة متفاوتة ، والمجتمع الجزائري لا يشذ عن باقي المجتمعات ، فظاهرة الغش موجودة أيضا في مجتمعنا ، وهذا منذ زمن طويل ، لكنها تفشت في الآونة الأخيرة بطريقة رهيبة ، حيث اجتاحت مدرستنا وكادت أن تصبح شيئا عاديا إن لم نقــل شيـئا يـدعـو إلى الإفتخـار .
فبعد ما كان التلميذ الغشاش يخجل من زملائه أصبح على عكس ذلك يتباهى بنفسه أمامهم .
والغش وسيلة للإجابة على أسئلة الامتحان دون بذل أي جهد في ذلك أي الحصول على المعلومات المطلوبة بطرق غير شرعية أو غير مسموح بها .
وإذا نظرنا إلى الغش من الناحية النفسية نجده مرتبط بعاملين أولهما الثقة بالنفس وثانيهما الشعور بالمسؤولية .
أما علاقة الغش بالثقة في النفس فتتمثل في أن التلميذ يمتلك المعلومات التي يحتاج إليها للإجابة الصحيحة ، إلا أنه يتردد في ذلك ، ويتخذ الغش وسيلة للتأكد من معلوماته … وتعتبر هذه الوسيلة سندا له ، وإذا ما فصلنا عنها فهو يضطرب ولا يستطيع الإجابة ، وهو في هذه الحالة يحتاج إلى مساعدة نفسية تمكنه من إستعادة نفسه .
وبالنسبة للغش وعلاقته بالشعور بالمسؤولية ، فإن الغش يعتبر مشكلة تدل على عدم إكتساب الشعور بالمسؤولية ، وإذا ما وجد التلميذ نفسه عاجزا عن الإجابة من جهة وغير قادر على تحمل مسؤولية الغش من جهة أخرى فإنه يلجأ إلى الغش على اعتبار أنه طريقة مختصرة للحصول على مايريد ، وهذا النوع من التلاميذ بحاجة أيضا إلى مساعدة نفسية لاكتساب هذا الشعور بالمسؤولية .
بالإضافة إلى كل ذلك فإن التلميذ الغشاش يعاني من فقدانه الضمير الحي وبالتالي ينقاد وراء هواه ، ويتخذ الغش في الإمتحان أساليب عديدة أهمها :
- الكتابة على الأوراق بأقلام لا تكتب .
- الكتابة على الطاولات .
- النظر إلى ورقة زميله …
وخطورة إنتشار هذه الظاهرة في الوسط المدرسي تتمثل في تحطيم الروح المعنوية في الفضل لأنه يقضي على الباعث العلمي ، ويظهر التحصيل المبني على الأمانة وكأنه لا قيمة له . فإذا تمكن الأستاذ من حصر الأسباب المؤدية إلى تفشي هذه الظاهرة ، فإنه يعمل في الطريق السليم قصد البحث عن الحلول الممكنة للقضاء عليها .
وتتلخص مجموعة الأسباب الحقيقية التي قد تؤدي بالتلميذ إلى الغش في :
1-مطالبة الأولياء بما لا طاقة لهم به وتهديدهم بأشد العقاب إذا أخفقوا .
2- تمييز المعلم في معاملته بين التلاميذ النجباء والتلاميذ الضعفاء .
3- غياب دافعية التلميذ ( إذا كان التلميذ لا يحب المواد المدروسة ) .
4- عدم تفطن الأستاذ للتلميذ الغشاش .
5- النظرة المنحطة للمثقفين السائدة في المجتمع الجزائري ( مشكل بطالة المثقفين بصفة خاصة ).
6- المنافسة القوية بين التلاميذ تولد الغيرة فيما بينهم للفوز بالمرتب الأولى .
7- لا مبالاة بعض الأساتذة بالحراسة الجيدة أثناء الإمتحان .
8- عدم معاقبة التلميذ الغشاش من طرف المعلم خاصة .
9- الاتجاه السلبي للوالدين نحو الدراسة ( عدم حثهم لأبنائهم على المثابرة وحب العلم والمعرفة ).
الحلول المقترحة : أهمها
• على الأباء عدم مطالبة أبنائهم بالمستحيل ، بل يجب تشجيعهم على الدراسة .
• على المعلم أن يعرف حصته حلوة المذاق لكل تلاميذه .
• على المعلم أن يوضح لتلاميذه بأن المهم ليس العلامة ، وإنما ما اكتسبه التلميذ من معلومات ومهارات
وما بذله من مجهودت لتحقيق ذلك .
• يجب على الأباء أن يكونوا على اتصال دائم بمعلمي أبنائهم .
• أن يكون هدف كل تلميذ التعلم من أجل العلم لا من أجل العمل .
• الحراسة الجيدة أثناء الامتحان .
• توعية التلاميذ بخطورة الغش وعواقبه .
• غرس حب العلم والمعرفة في نفوس التلاميذ .
الرئيسية 
