شمشار مدير
عدد المساهمات : 3923 تاريخ التسجيل : 23/05/2009 العمر : 59 الموقع : ibdaa.roo7.biz
| موضوع: الــرســوب الــمــدرســي و دور الأهــل الأربعاء يناير 13, 2010 2:01 pm | |
|
قد يخفى على الكثيرين أنّ أمر الرسوب ليس آنياً ولا وليد ساعته، بل إن جذوره تمتد إلى الماضي، وقد تكون الأسرة مسؤولة عنه أو المدرسة أو المعلمون، أو ربما يعود إلى عوامل داخلية وصحية. ومن هنا، على الأهل أن يعمدوا مع ولدهم إلى تقصي سبب الرسوب بدل الالتهاء بالتقريع والتعنيف والتأديب، وغيرها من وسائل القصاص التي قد تضحي من العوامل التي تسهم في تفاقم المشكلة بدلاً من حلها، وتؤدي إلى ضعف شخصية الولد وعدم ثقته بالنفس والاعتماد على الذات للنهوض من الكبوة وتحقيق النجاح المرجوّ.
إن للأهل والمدرسة والمعلمين دوراً يجب أن يلعبوه في سبيل تخطي الطالب عقبة الرسوب وتحقيق التقدم. لقد أثبتت التجارب أن عدداً كبيراً من الطلاب قد يرسب في حياته الدراسية بسبب عامل الخوف الذي قد تضعه المدرسة في أجوائه، كما ان هناك عدداً لا بأس به منهم قد يكون سبب فشله عدم اكتراث المعلمين به أو حتى محاربتهم له عن طريق تسفيه تعليقاته وتوجيه الانتقادات الهدامة إليه والمساهمة في إضعاف شخصيته، في حين ان الأهل يساهمون بتأخير تحصيل ولدهم من خلال عدم إحاطته بالعناية.
إن الهدف من وراء هذه الدراسة هو المساهمة في تفهم أسباب رسوب الطلاب والسبل الآيلة إلى معالجة هذه المشكلة واستشراف حلول متواضعة، علّنا نساعد طلابنا الأحباء على تخطي هذه الظاهرة الأليمة، فرب طالب كان مظلوماً في رسوبه لأن عوامل خارجية وداخلية ضاغطة تضافرت وساهمت في هذا الرسوب. الرسوب ليس وليد ساعته
يجب النظر إلى ظاهرة الرسوب كواقعة لها أبعادها في عمر الطالب وحياته الماضية، وليس في حاضره فقط، فقد ينتج الرسوب عن مشكلة واحدة معينة، وقد تتضافر عدة مشكلات لتسهم في تأخير التحصيل العلمي له. فمن الثابت أن عارض الرسوب ليس آنياً، بل له أسباب نجدها من خلال بعض العلامات البارزة في مسلكية الطالب.
عند دراسة حالة تلميذ راسب في صفه، يقتضي أولاً تحديد سنِّه ونموّه العقلي بالمقارنة مع نموه الزمني، بالإضافة إلى مراقبة نتائجه في الصفوف السابقة وما هو حاصل ذكائه. ثم علينا ان نعمد إلى معرفة مواطن الضعف ومواطن القوة في تحصيله العلمي، وهذه العوامل والمؤثرات يمكننا ملاحظتها من خلال تصرفات الولد في المنـزل أو إلقاء نظرة على سجله التعليمي وبطاقات علاماته، ويجدر بالأهل الانتقال إلى المدرسة ليروا هل يسترعي سلوكه الانتباه خلال وجوده في الصف وكيف هي علاقاته مع معلميه ورفاقه.
إن اللجوء إلى مقابلة الهيئة التعليمية لا بد منه للتحري عن وضع الطالب، ويجب بالتالي على الأهل أن يأخذوا ملاحظات الأساتذة بعين الاعتبار، وذلك للإستفادة منها أثناء معالجة المشكلة مع الولد ، ليحصلوا على النتائج المبتغاة. وبعد تحديد الأطر وجمع كافة المعلومات الخارجية ـ إن صحّ التعبير ـ يمكن المباشرة بجمع المعلومات الخاصة والداخلية من خلال النواحي النفسيةوالجسدية والصحية، إضافة إلى النواحي الانفعالية والعقلية ، مروراً بالالتفات إلى تأثيرات الأجواء الاجتماعية المحيطة به ، وصولاً إلى اكتشاف استعداداته وميوله واتجاهاته النفسية وشخصيته.
إن المراقبة الموضوعية وجمع المعلومات الدقيقة والسليمة، تؤدي إلى تشخيص سبب الرسوب تمهيداً للمعالجة والوصول إلى الحل الذي يمكِّن الطالب من تخطي عقبة الرسوب، ويمنحه قوة ودفعاً ضروريين لنجاحه. حاصل الذكاء عند التلميذ
بادىء ذي بدء، لا بد لنا من أن نعرض لبعض الأمور والتجارب التي بإمكان الأهل إجراؤها على أولادهم في أعمار مختلفة، ليتعرفوا إلى حاصل ذكائهم، بالمقارنة مع الأولاد الذين يتمتعون بحاصل ذكاء لا بأس به أو جيد. هذه التجارب تجري على الأولاد الذين هم في سن الثالثة أو الخامسة والسادسة والسابعة.
يمكن للأهل أن يختبروا ابنهم كما يلي: في سن الثالثة يجب على الطفل أن يشير إلى أقسام الجسم المختلفة، كالفم والأذن والرأس والشعر والعينين وغيرها، كما أنّ عليه تكرار جملة ذات مقاطع متعددة أو رقمين معينين بالإضافة إلى ذكر أسماء الأشجار المرسومة ومعرفة أسماء أعضاء الأسرة وشهرتهم.
في سن الخامسة، يرتكز الاختبار على تكرار جملة ذات مقاطع اكثر تعدداً من سن الثالثة حسب قدرته على ذلك، وتعريف الأشياء بمنافعها، مثلاً: السيارة للنقل، والكهرباء للإنارة والاستعمالات المنـزلية المختلفة (كالبراد، والمكواة، والتلفاز، والغسالة...) كما يجب على الولد أن يتمكن من حساب القطع النقدية وتكرار أربعة أرقام بصورة منتظمة.
أما في سن السادسة، فعليه تعريف الأشياء بغير منافعها؛ فالكهرباء قد تقتل الإنسان إن هو أساء استعمالها، ويطلب منه أيضاً أن يرتب خمسة أشياء بحسب وزنها ويقوم بعملية صرف النقود، كأن يعلم مثلاً أجزاء الليرة الواحدة، بالإضافة إلى معرفة تاريخ اليوم وأسماء أيام الأسبوع وحتى الأشهر.
أما في سن السابعة فيستدعي من الولد الانتباه إلى نواقص الأشكال المألوفة، ومن الواجب عليه أن يعين اليد اليمنى والأذن اليسرى دون خطأ، وأن ينسخ شكلاً هندسياً بشكل جيد، كما عليه أن يقوم بتكرار مجموعة الأرقام بصورة منتظمة.
من هنا، يمكن للأهل أن يقوموا باستنتاج لحاصلة الذكاء عن طريق المقارنة بين النمو العقلي والنمو الزمني، ومعرفة الطرق والسبل الآيلة للتعاطي فيها مع ولدهم بعد سن السابعة، للحصول على ولد ناجح يحقق آماله. المؤثرات الخاصة والداخلية
ويدخل في هذا الباب: الناحية النفسية والجسدية ـ الناحية الصحية ـ الناحية الانفعالية ـ الناحية العقلية ـ التاريخ المدرسي ـ التاريخ العائلي ـ التاريخ الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية ـ شخصية الطالب. 1ـ الناحية النفسية والجسدية
يجب على الأهل أن يختبروا بأنفسهم أولاً، ومن ثم إن وجدوا شيئاً يدعو إلى الريبة، أن يستشيروا أو يزوروا طبيباً أخصائياً في ما يتعلق ببصر ولدهم وسمعه وبقية حواسه، بالإضافة إلى تناسق حركاته ومؤالفتها عصبياً وعضلياً وصحة نطقه، فلعل السبب في تأخر التحصيل والرسوب إنما يعود إلى ضعف بصرهم بالدرجة الأولى، لصعوبة ملاحظة هذا العامل من قبل المعلمين والأهل وحتى الطالب نفسه، ومن ثم إلى ضعف سمعهم، بحيث يصبحون غرباء وبعيدين عن اجواء الشرح، وقد تتراقص امامهم الكلمات فيأتي لفظها خاطئاً، فيعاقبون، وغالباً ما يخافون من البوح بمشكلتهم مخافة أن ينعتوا من قبل معلميهم بالكسالى. 2ـ الناحية الصحية
تلعب الصحة دوراً مهماً في التحصيل العلمي، إذ إن العقل السليم في الجسم السليم، فينصرف الطفل الذي يتمتع بصحة جيدة إلى دروسه وواجباته المدرسية دون ان يعاني من مشاكل ومعوّقات، وفي هذا الإطار، يجب على الأهل أن يتحققوا من نسبة وزنه إلى طوله وطبيعة نموه، بالإضافة إلى مراقبة تغذيته وتنوعها، إذ إن سوء التغذية غالباً ما يؤدي إلى ضعف الطاقات الفكرية والعقلية والتركيز. إن الحالة الصحية العامة والسليمة ضرورية لحسن أداء الطالب ونجاحه. 3ـ الناحية الانفعالية
الاستقرار العاطفي وضبط النفس شرطان أساسيان وجوهريان لخلق شخصية ناجحة وقادرة على التحصيل العلمي الفاعل، نظراً لأهمية الأجواء التي تحيط بالطالب. إن اتكالية التلميذ على الغير في المنـزل قد يكون لها أثر سلبي في امتحاناته المدرسية، لذلك على الأهل أن يعملوا على استقلال ولدهم في التفكير والعمل على اعتماد الذات. وقد تكون الرغبات والنـزعات والميول وراء تأخر الطالب في تحصيله، فمراقبة الأهل ضرورية وواجبة لرؤية مدى تكيف ولدهم مع ذاته ومحيطه الخارجي لأن التكيف يعزز الثقة بالنفس ويعطي أملاً بالنجاح. 4ـ الناحية العقلية
إن الروائز التي يخضع لها الفرد ونتائجها، تعطي الأهل فكرة واضحة عن مدى قدرة ولدهم على الاستيعاب ودرجة ذكائه، فروائز الذكاء التي هي نسبة النمو العقلي على النمو الزمني، مهمة جداً في التقويم الموضوعي للطالب، ومن المستحسن الحصول على نتيجة أكثر من رائز في ما يتعلق بالميول والقدرات العقلية والاختبارات الأخرى، في سبيل توجيه التلميذ نحو غايات تتفق مع مواهبه وإمكاناته. 5ـ التاريخ المدرسي
يجب النظر إلى تحصيل الطالب المدرسي بوجهٍ عام، وإلى نوع الدراسة ومرحلتها وكيفية ترفيعه من صف إلى آخر، فإذا أتت النتائج إيجابية، يجب النظر إلى تغيير المدرسة الذي قد يؤدي في بعض الأحيان إلى عدم التأقلم مع بيئة دراسية جديدة لها مفاهيمها الخاصة، كما أن لفقدان الأصدقاء والرفقاء في مرحلة معينة من العمر أثراً سلبياً كبيراً في نفس التلميذ وعطائه، وبالتالي يجب التعويض عن هذا النقص. 6ـ التاريخ العائلي
مهما قيل، يبقى الولد ابن بيئته البيتية، فالأهل والأخوة ووضع العائلة المادي والاقتصادي ومواردها الثقافية، وثقافتهم ودرجة علمهم والكتب والنشرات والمناخ الثقافي بشكل عام، كل ذلك له دورٌ حاسم في التأثير على نجاح الولد، بالإضافة إلى علاقة الأهل بعضهم ببعض وعلاقتهم بأولادهم، ومن المعلوم أن انتهاج سياسة اللامبالاة والتعصب والانكماش بعيداً عن تحمل المسؤولية، يدفع بالأولاد إلى التهاون والاستخفاف، في حين أن التربية المنفتحة والمعاصرة والمرشدة والموجهة تجعل الأولاد ينفتحون على واجباتهم وأكثر تقبلاً للمجهود الدراسي الذي يفضي إلى النجاح. 7ـ التاريخ الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية
ترتدي العلاقات الاجتماعية طابعاً مميزاً، وتؤثر تأثيراً كبيراً في نمو الطالب الذهني والفكري، لا سيما تلك العلاقات مع المؤسسات الاجتماعية والمدنية والإنسانية، التي تفسح في المجال أمام الأولاد للمشاركة في النشاطات الكشفية والخلقية والمخيمات الصيفية والإنماءات الاجتماعية، بالإضافة إلى النشاطات التي يمارسونها في المدرسة أو خارجها، إذ إن عملية استيعاب الدروس قد تتم بصورة أسهل إن روعيت فيها ميول الطالب واتجاهاته الاجتماعية الموجهة من قِبَل المدرسة والأهل. 8ـ شخصية التلميذ
إنّ نوع الشخصية يلعب دوراً هاماً وحاسماً في تسلق الشخص سلم النجاح، من هنا يجب على الأهل أن يتعرفوا إلى نوع الشخصية التي يتمتع بها ولدهم، هل هي انطوائية منغلقة على ذاته؟ أم اجتماعية تهوى الحياة والناس؟ هل هي متسامحة أم متماسكة؟ ومما لا شك فيه أن الشخصية المحببة تلاقي نجاحاً باهراً من خلال تأثيرها الإيجابي في محيطها إذا أحاطها الجميع بالعناية والاهتمام، فتساهم في مساعدة الطالب وتؤمّن له الأجواء الدراسية الملائمة لإنضاج فكره والتعبير عن آرائه بحرية معينة، في حين أن الشخصية المتكبرة والمتعجرفة تجعل من صاحبها محط انتقاد وإهمال، ما ينعكس سلباً على تطوره الدراسي.
إن قبول الطالب لنفسه ونظرته إلى الغير، عاملان مهمان في تكوين شخصيته، بحيث يستطيع تخطي الصعوبات والتأثير إيجاباً في الغير، ما يساعد على تدعيم الثقة وتحقيق النجاح.
إن تشخيص المشكلة لسبب الرسوب وعوارضه والمسبببات الكامنة وراءها مع إمكانية التنبؤ بالنتائج الممكن التوصل إليها في ضوء المعطيات المتوافرة، قد يقودنا إلى تقصي الحقيقة، وبالتالي إلى المعالجة الصحيحة، والوصول بالطالب إلى تخطي هذه المشكلة والنجاح، ودور الأهل كما رأينا مهم جداً وأساسي، فعليهم يقع عاتق التشخيص ومسؤولية المعالجة، وذلك بالتعاون مع المدرسة وأصحاب الشأن..
| |
|