يحمل مفهوم النقابة والعمل النقابي التباسا كبيرا عند الكثير من العاملين في شتى القطاعات التي ينتمون إليها والسبب في ذلك يعود الى ما له صلة بالنقابة نفسها كتنظيم ذي صلة بالمجتمع الحديث ، حيث يعتبر المفهوم من المفاهيم المستوردة التي دخلت ثقافتنا العربية في سياق التأثير الذي مارسته وتمارسه الحضارة الغربية علينا كمجتمع في طور النهوض ، ومنها ما يرتبط بالتأثير الإيديولوجي المقصود والمحكوم بخلفية سياسية هدفها الأساس ممارسة الوصاية على العمل النقابي بغاية تشكيل قوة ضغط يتم تحريكها باستمرار لتعديل كفة الصراع لصالح هذا التيار أو ذاك ، ومنها ما له صلة بضعف التأطير النقابي نفسه نتيجة غموض في الأهداف ، أو بفعل المناخ اللاديمقراطي الذي يشتغل ضمنه النقابيون ، ، فلا يملكون إمكانية التواصل الجيد مع تابعيهم ليكتفوا بالحد الأدنى منه تبعا لما يمكن أن يستقطب العاملين وللقدرة التأثيرية في مشاعرهم وأحاسيسهم .
لهذه الغاية يجدر بنا أن تقف عند مفهوم النقابة بغية المساهمة في إضاءته من جهة ، ثم عرض أهم الأهداف التي تبرر وجوده ، وتشكل بوصلة يهتدي بها كل من ندر نفسه لقيادة النقابة أو اختار العمل في قاعدتها .
فتتفق معظم الدراسات التي عنيت بالعمل النقابي على أن النقابة تنظيم مهني جماهيري يلتف حوله العاملون في قطاع معين ، أو مجموعة من القطاعات ، بغرض توحيد جهودهم وتكثيفها في الدفاع عن مصالحهم وحماية حقوقهم وتحسين ظروف عملهم ، بحيث يحكمهم في علاقاتهم قانون محدد يتم الاتفاق عليه ، ويتضمن تصورهم التنظيمي وأهدافهم المشتركة التي تشكل مبرر وجودهم .
وبناء عليه فالنقابة تسعى أساسا لتجميع الطاقات وحسن تصريفها ،اعتبارا لكون اليد الواحدة لا تصفق ، كما أنها تقوم على التوافق ومحاربة كل أشكال الفوضى في العمل ، مثلما تحارب الأنانيات ، ولهذه الغاية تحرص قي صياغة قانونها التنظيمي على الإجماع والتوافق بين أفرادها ، مما يجنبها كل أشكال الهيمنة في التسيير والتدبير ، . ولعل كل إيمان خالص بهذه الأسس والمرتكزات هو الضامن لوحدة النقابة واستمراريتها ، ولقوة أدائها . وكل انحراف عن ذلك يشكل تهديدا لها وإيذانا بانحدارها .
وتهدف النقابة تبعا لطبيعة تشكلها، ومبررات وجودها ، والجوانب التي تعمل عليها وتستهدفها في المنتمين لها ، إلى ما يلي :
- حماية الحقوق المعنوية للعاملين انطلاقا من الحرص على ضبط علاقاتهم مع مشغليهم واحترام كرامتهم
- حماية حقوق النقابيين الاجتماعية من خلال السهر على ضمان استقرارهم في العمل ، وجعله مناسبا لظروفهم الصحية والأمنية , محققا الحماية الاجتماعية في مختلف حالاتهم خلال الحياة العملية أو بعدها .
- حماية الحقوق المادية والاقتصادية للعاملين بغاية تأمين عيش كريم لهم تحترم فيه إنسانية الإنسان.
إن هذه الأهداف في عموميتها هي ما يشكل الملف المطلبي الذي يحرك النقابة ويوجهها في عملها ، بحيث تعمل على صياغته في وضوح تام مع المنضوين تحتها ، واعية بكل الإكراهات والتحديات التي تحيط به وإذا كانت النقابة بحكم طبيعتها والأهداف التي تعمل من أجلها لا يمكنها تجاوز الوصول إلى تحسين الأوضاع المادية والمعنوية للقطاع الذي تمثله، وبحكم الملف المطلبي الذي تتحرك خلفه ،.
وفي قطاع التربية الوطنية نجد النقابة مع مرور الوقت انكشف فيها المستور، وتعرت حقيقة الوضع الزائف ، وظهر معها حجم النقابات ، وحجم الملتفين حولها يتمثيليات لا يمكن أن تمثل قوى ضاغطة في الدفاع عن ملف مطلبي يزداد تعقيدا مع مرور الأيام ، منتجا مسلكيات غريبة لا يمكن بأي حال أن تسمح بتصحيح الخلل الذي يعرفه القطاع والمعبر عنه بأزمة التعليم أو أزمة المنتوج .
إن هذه الوضعية هي التي غذت طاهرة التعدد النقابي وميوعته ، وعبدت طريق للانحراف ، فضاعت الجهود وانمحى التكتل ، وصعب الحديث عن النقابة كقوة ضاغطة وفاعلة، يحركها ملف مطلبي محدد المعالم . في هذا المناخ شاعت انعزالية الفرد العامل ويأسه ، واستبيحت حقوق العاملين وهمشت، وازداد ت معها صورة النقابة قتامة ، مما يهدد بتراجع المردودية في كل جوانب الحياة ، حيث لا مسئولية ولا محاسبة .