( الصوم جُنَّة )
آما قال النبى صلى الله عليه وسلم ... أى وقاية من الزلل والوقوع في الخطايا
والمحرمات ، وحماية من الأمراض والشرور والموبقات ، وستراً من النار والعقوبات.
وهكذا فقد أنعم الله علينا بالصوم لما له من فوائد عظيمة وحكم آثيرة ، وآثار ونتائج
جليلة لنا سواء آانت دينية روحية ، أو صحية جسمانية ونفسية أواجتماعية ، أو غير
ذلك من الفوائد التي لانستطيع حصرها ، وصولاً إلى الفائدة العظمى والهدف الأسمى
من الصوم ألا وهو تقوى الله عز وجل.
قال تعالى : ؟ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ آَمَا آُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ؟ البقرة.
والذى لايفهم هذا المعنى ولايسعى لتحقيقه لا حظ له من صيامه إلا الجوع والعطش
آما قال ؟ : *من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه *
متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم : *الصِّيَامُ جُنَّةٌ فلا يَرْفُثْ ولا يَجْهَلْ وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ
فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ
رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ
بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا * رواه البخارى.
والصوم من أهم العبادات التي تعين على التقوى والتقرب إلى الله والبعد عن الرياء ،
فالصائم تتهذب وتتأدب وتتزآى وتصفو نفسه ، ويرق قلبه ويمتلئ بالإيمان واليقين ،
وتهدأ جوارحه ، وتقوى عزائمه فيكبح جماح غرائزة ، ويسيطر على شهواته ، وبالتالي
يكون أقرب للتقوى وأقرب للمغفرة.
قال سبحانه : ؟ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ؟ الطلاق.
وقد حث النبى صلى الله عليه وسلم معشر الشباب الذي لايستطيع الزواج على
الصوم آوسيلة وقائية تحفظه - بإذن الله - من الوقوع في الفاحشة ومايصاحبها من
شرور وأمراض وآلام فقال صلى الله عليه وسلم :* يامعشرالشباب مَنِ اسْتَطَاعَ منكم
الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ
وِجَاءٌ * متفق عليه.
ولكن لكى يؤتي الصيام ثماره المرجوة وفوائده المنتظرة التي نعلمها والتي لانعلمها ،
فعلينا مراعاة اتباع سنة نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم ففيها الخير آله والبعد
عن الشر آله - ولاشك ولاريب في ذلك سواء علمنا تفاصيل ذلك أم لم نعلمه -
هناؤنا وسعادتنا وسلامة أبداننا وانشراح صدورنا ومنتهى صلاحنا ، وغاية سلامتنا وتمام
عافيتنا ، وراحة نفوسنا وذهاب همنا وغمنا ، بالإضافة إلى حُسن مآبنا بإذن الله.
ومن سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
١- السحور :
لقول النبى صلى الله عليه وسلم :* تسحروا فإن فى السحور برآة * متفق عليه. (
والبرآة هنا تشمل آل الفوائد المعلومة والغير معلومة ).
وتأخيره إلى قرب الفجرأفضل فعن زيد بن ثابت رضى الله عنه قال : تسحرنا مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاه قلت ( أنس ) : آم آان بين الأذان
والسحور قال : ( قدر خمسين آية ) متفق عليه.
٢- تعجيل الفطر :
لقوله صلى الله عليه وسلم : *لايزال الناس بخير ماعجلوا الفطر * متفق عليه.
والمُستحب أن يكون الإفطار قبل الصلاة على الرطب وإلا فالتمر وإلا فالماء .
فعن أنس رضى الله عنه قال :* آان النبى صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات
قبل أن يُصلى فإن لم تكن رطبات فتمرات فإن لم تكن تمرات حسا حسوات من ماء *
أخرجه الترمذى بسند حسن.
ويمكن الرجوع إلى فوائد تناول التمر خاصة بعد الصيام فى باب التمر.
٣- عدم الإسراف أوالتبذير في الطعام والشراب.
وإلا ضاعت على الصائم الكثير من الفوائد الصحية الجسمانية والعقلية والروحية
والمالية.
والصيام بلا شك له فوائد وقائية وعلاجية شفائية لدرجة أن بعض الأطباء - حتى من غير
المسلمين - يصفونه آوسيلة علاجية لبعض الأمراض ، فقد أثبتت أحدث الدراسات في
الغرب أن صيام شهر في السنة يجدد خلايا الجسم ، وصيام ثلاثة أيام في الشهر يطهر
الجسم من السموم والأدران التي هى مصدر الأمراض وسبب العلل للأبدان .
فالامتناع عن الطعام والشراب لمدة قد تزيد عن أربعة عشرة ساعة ثم يتبعها بضع
ساعات من الأآل والشرب هو نظام مثالي للجسم لتنشيط عمليتى الهدم ( التي
يقوم فيها الجسم في فترة الصيام باستهلاك وتدمير الخلايا القديمة الهرمة والمريضة
في الأعضاء المختلفة ) والبناء ، وقد ثبت علمياً أيضاً أن النشاط والعمل والحرآة
العضلية أثناء الصيام للأشخاص الأصحاء يعمل على تحريك وتحليل وحرق الدهن في
الأنسجة الشحمية بعد استهلاك الجهاز العضلي للجلوآوز القادم من الكبد وذلك
للحصول على الطاقة مما يزيد من آفاءة ونشاط عمل الكبد
والعضلات ويخلص الجسم من الشحوم والسموم وهذا مايسمى بعملية الهدم ،
بعكس السكون والراحة والنوم والكسل أثناء الصيام.
وتكون هذه الفوائد أعم وأشمل - آما ذآرنا - إذا راعينا اتباع التعليمات الشرعية
السابقة.
آما ثبت علمياً أن الصوم له تأثير إيجابى على آل أجهزة الجسم ، بالإضافة إلى تأثيره
المريح والمطمئن للحالة النفسية والعصبية ، والمضاد للإآتئاب والحزن ، فالصوم يدخل
البهجة والسرور على الصائم قَال صلى الله عليه وسلم :* يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : لِلصَّائِمِ
فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ وَفَرْحَةٌ حِينَ يَلْقَى رَبَّهُ ؟ متفق عليه.
هذا بالإضافة لما يصاحب الصوم من الانتظام في ذآر الله بصورة أآبر : ؟ الا بذآر الله
تطمئن القلوب ؟ ، والحرص على آداء الصلوات في أوقاتها بخشوع أآثر ، وعلى آداء
النوافل بانتظام أفضل ، وآذلك الحرص على الكثير من العبادات والطاعات التي تقربنا
إلى الله ، مما يجعلنا أهل لأن يُنَزِّل الله سكينته ومغفرته ورحمته علينا ، فتصفو نفوسنا
وتطمئن قلوبنا وتنصلح أحوالنا.
وينعكس هذا الصفاء النفسي ، والإطمئنان القلبي بالتحسن الملحوظ على الكثير من
الأمراض التي تكون للحالة النفسية والعصبية دور فى حدوثها أو تنشيطها أوإظهارها ،
بل ينعكس الصيام آكل -أيضا-ًبتحسن واضح على آثير من الأمراض الأخرى.
( من الأمراض التي من الممكن أن تستفيد من الصيام :
بعض أمراض المعدة والقولون والقلب وضغط الدم والسمنة والسكر ، وبعض حالات الكبد
، وبعض الأمراض الجلدية والتناسلية )
ولكن يجب مراجعة الطبيب المُختص فى ذلك فلكل حالة ظروفها ونوعيتها ودرجتها
الخاصة.
والصوم ليس فقط غسيل وتنقية للبدن مما تراآم فيه وعلق به من فضلات وسموم (
فقد ثبت علميا أن الصوم يحفز الجسم على انتاج مضادات الأآسدة التي تنظف
الجسم من الشقائق الحرة الناتجة عن آثرة عمليات الهضم والتمثيل الغذائي
المستمرة داخل الجسم أو من عوامل التلوث البيئي خارج الجسم ، والتي تجعل
الجسم عرضة للإصابة بالكثير من الأمراض).
وإنما أيضاً غسيل وتنقية وتطهير للنفس مما تراآم فيها من آثار الذنوب والمعاصى التى
لاتنفك عن ابن آدم ومما علق بها من أمراض نفسية ووساوس وتأثيرات شيطانية.
وآذلك فالصوم وسيلة فعالة للتخلص من العادات الضارة مثل التدخين وغيرها من
السلوآيات الخاطئة.
وآما قال ابن القيم رحمه الله :
( ... فقلة الطعام توجب رقة القلب ، وقوة الفهم ، وانكسار النفس وضعف الهوى وآثرة
الطعام تحرك الجوارح الى المعاصى وتثقلها عن الطاعات والعبادات ، ولأن الشيطان
يجرى من ابن آدم مجرى الدم من العروق فإن الصوم يُضيق عليه مسالكه ).
فمن فضل الله ومنه وآرمه أن فرض علينا صيام شهر رمضان من آل عام ، وآذلك حثنا
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم - الذي لاينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى -
على صيام التطوع ( النافلة ) واستحبه لنا ، والذي منه :
صيام ست من شوال ، والتاسع من ذى الحجة ( وقفة عرفات لغير الحاج) والاثنين
والخميس من آل أسبوع ، ويوم تاسوعاء وعاشوراء من شهر الله المحرم ، والأيام
١٥ من آل شهر عربى ، وأفضل التطوع صيام يوم وإفطار يوم وهو ، ١٤ ، البيض ١٣
صيام نبى الله داوود عليه السلام .
وقال صلى الله عليه وسلم : * إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا
تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ
بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ آُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ
الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ
* رواه البخارى.
وقال صلى الله عليه وسلم : * أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ
الصَّلاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ * رواه مسلم.
و
قال النبى صلى الله عليه وسلم :* قال الله : آل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي
وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا آان يوم صوم أحدآم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد
أو قاتله فليقل إني امرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله
من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه * متفق
عليه.
أ