الكَلام –بفتح الكاف-هو عبارة عما يحصل بسببه فائدة،سواء كان لفظا أو لا.
قال بعضهم:
حَدُّ الكَلاَمِ مَا أَفَادَ المُسْتَمِع ْ كَقَوْلِكَ:اتَّبِعْ وَلاَ تَبْتَدِعْ
هذا في اللغة.
أما في اصطلاح النحاة فهو:ما اجتمعت فيه أربعة قيود،وهي :"اللَّفْظُ المُرَكَّبُ المُفِيدُ بِالْوَضْعِ".
فأما اللفظ فهو في اللغة:الطرح والرمي، تقول: " لفظت الشيء من يدي "، إذا طرحته ورميته.
أما في الاصطلاح فهو:"الصوت المشتمل على بعض الحروف ".
وبه يخرج الإشارة[1] والكتابة والنصب[2] والعقد[3] وتسمى الدوال –أي العلامات-الأربعة.
وأما التركيب:فهو :"ضم كلمة فأكثر إلى أخرى "،وهو على ثلاثة أقسام:
1-تركيب إسنادي:وهو كل كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى،سواء كانت الكلمتان ظاهرتين نحو:"غربت الشمس"،أو مقدر إحداهما،نحو:"استقم" أي أنت.
2-تركيب إضافي، نحو:"عبد الله".
3-تركيب مزجي، نحو:"بعلبك" و"معد يكرب".
وبه يخرج:المفرد نحو:"زيد"،والأعدادالمسرودة،نحو:"واحد،اثنان،ثلاثة.. ."الخ.
وأما المفيد:فهو :"ما أفاد إفادة يحسن السكوت عليها".
فإن لم يحسن السكوت عليها فلا يسمى كلاما.
مثلا قولنا:"كتاب المعلم" يستفاد منه أن للمعلم كتابا،فهو لفظ مفيد،إلا أن تلك الفائدة لا يحسن السكوت عليها إذ أن السامع يظل منتظرا لشيء آخر بعد ذلك الكلام.
وبه يخرج غير المفيد،كالمركب الإضافي والمزجي والتقييدي،نحو:"حيوان ناطق"،والإسناد المتوقف على غيره،نحو:"إن جاء زيد"، ونحو ذلك.
وهل يشترط إفادة المخاطب شيئاً يجهله ؟ قولان :
أحدهما : اشتراط ذلك ، وبه جزم ابن مالك وآخرون .
والثاني : عدم اشتراطه ، وصححه أبو حيان والصبان وآخرون .
وأما الوضع:فهو في اللغة الخفض.
والمراد به هنا القصد،وهو أن يقصد المتكلم بما يلفظ به إفادة السامع.
وبه يخرج اللفظ غير المقصود،كالصادر من النائم والساهي،فهو لا يسمى كلاما بهذا الاصطلاح.
وقيل :إن المراد بالوضع:الوضع العربي.
وبهذا يخرج غيره.
ونذكر هنا بعض الاصطلاحات القريبة من لفظ :"الكلام"،وهي:
*- الكَلِم: اسم جنس جمعي[4]،وهو ما كان متركبا من الأجزاء الثلاثة:الاسم والفعل والحرف.
فمثلا :"إِنْ حَضَرَ المُعَلِّمُ" كلم،وليس كلاما،لأنها لم تفد شيئا،فإن قلنا:" إِنْ حَضَرَ المُعَلِّمُ قَرَأْتُ" صدق عليها أنها كلم وكلام.
وعليه فالفرق بين الكلم والكلام أن بينهما عموم وخصوص من وجه[5]،فالكلم أعم من جهة المعنى لكونه يصدق على المفيد وغيره،وأخص من جهة اللفظ لكونه لا يصدق على المركب من كلمتين.
فقولك:" لَمْ يَقُمْ زَيْدٌ " كلام،لأنه مفيد،وكلم،لاجتماع الأجزاء الثلاثة:الاسم والفعل والحرف،و "قَامَ زَيْدٌ" كلام لا كلم،و"إِنْ قَامَ زَيْدٌ" كلم لا كلام.
*- الكَلِمَةُ:تطلق في اللغة ويراد بها الجملة المفيدة ،نحو قوله تعالى: ﴿ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ﴾. [المؤمنون،:100]،والمراد قولُه: ﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ ﴾ [ المؤمنون:99-100]،ونحو قولِه صلى الله عليه وآله وسلم :"أصدق كلمة قالها شاعر:كلمة لبيد:ألا كل شيء ما خلا الله باطل" متفق عليه[6].
وفي الاصطلاح، هي: " القول المفرد ".
*- القَوْلُ:وهو اللفظ الدال على معنى،سواء أفاد أو لم يفد،وهو أعم من الجميع، أي من الكلام والكلم والكلمة.
مثلا قولنا :" ظلمة الليل " قول، ولا يصدق عليه أنه كلام ولا كلم ولا كلمة .
قال في الألفية:
كَلاَمُنَا لَفْظٌ مُفِيدٌ كَاسْتَقِمْ وَاسْمٌ وَ فِعْلٌ ثُمَّ حَرْفٌ الكَلِمْ
وَاحِدُهُ كَلِمَةٌ وَالقَوْلُ عَـمّ وَكَلـــــِمــَةٌ بِهَا كَلاَمٌ قَدْ يُؤَمّ
[1]-ومنها قول القائل:
أشارت بطرف العين خيفة أهلهـا إشـارة مـحزون ولــم تتكلم
فأيقنت أن الطرف قد قال مرحبـا وأهلا وسهلا بالحبيب المتيــم
[2]-جمع نصبة،بالضم،وهي الصوى،أي أعلام الطريق.وذلك نحو "إشارات المرور" في عصرنا الحاضر.
[3]-جمع عقدة،بالضم،وهو نوع من الحساب،يكون بأصابع اليدين،يعرف بحساب اليد،ويقال لَه أيضا:حساب العقود،تكون الآحاد والعشرات بأصابع اليمنى،وتكون المئات والألوف بأصابع اليسرى،وقد ألفت فيه كتب وأراجيز (انظر:الحقائق المكللة،لسيدي صالح الألغي،ص:17).
[4]-اسم الجنس على قسمين :
1)اسم جنس إفرادي:وهو ما دل على القليل والكثير من جنس واحد بلفظ واحد،وذلك كماء وتراب وزيت وخل،ومنه المصدر:كضرب وشرب وقيام وجلوس.
2)اسم جنس جمعي:وهو ما يفرق بينه وبين واحده بالتاء غالبا،وذلك بأن يكون الواحد بالتاء،واللفظ الدال على الجمع بغير تاء،نحو:"كلم وكلمة،بقر وبقرة،شجر وشجرة...
وقولنا:غالبا للإشارة إلى شيئين:
أولهما:أنه قد يفرق بين الواحد واللفظ الدال على الجمع بالياء المشددة،نحو:روم ورومي،وزنج وزنجي...
وثانيهما:أنه قد يكون اللفظ الدال على الجمع مقترنا بالتاء،والمفرد خاليا منها،عكس الغالب،نحو:كمء وكَمْأَة،وذلك النوع في العربية قليل جدا.
انظر:شرح التصريح 1/24،وابن عقيل 1/15.
[5]-المراد بالعموم والخصوص الوجهي:أن يجتمع اللفظان في الصدق على شيء،كاجتماع الكلام والكلم هنا في الصدق على " لم يقم زيد " لأنه مفيد،وتركب من الأجزاء الثلاثة،وينفرد كل منهما بالصدق على شيء،كانفراد الكلام بالصدق على "قام زيد"،لأنه مفيد،وغير مركب من الأجزاء الثلاثة وانفراد الكلم بالصدق على "إن قام زيد"لأنه مركب من الأجزاء الثلاثة،لكنه غير مفيد.
[6]- صحيح البخاري 3/1395، كتاب فضائل الصحابة، باب أيام الجاهلية، ح:3628.
صحيح مسلم 4/1768، كتاب الشعر، ح:2256